الصفحة الرئيسية › أخبار وطنية

أخبار وطنية "سي عبد الحق الأسود" غادرنا في صمت...

بقلم منير فلاح
منذ ايّام قرأت الخبر على حائط إحدى الأصدقاء، حاولت ان أستجلي الأمر و أتحقّق من الخبر لعلّي أجد نعيا رسميّا على صفحة وزارة الثّقافة أو إحدى الصفحات الرّسميّة الأخرى لكن دون جدوى... فلا حياة لمن تنادي...
صحيح سي عبد الحق كان من النّظام القديم في نسختيه البورقْيبي و التّجمّعي وصحيح انّه تقلّد مناصب إداريّة كبرى (والي في العديد من الجهات و رئيس ديوان وزارة الثّقافة)، صحيح انّ بعض الإشاعات رشّحته لنيل إحدى المناصب الكبرى في الدّولة في فترة ما بعد الثّورة كمرشّح للنّهضة، كلّ هذا صحيح لكن انّو يغادرنا في صمت ودون الإعلان عن وفاته في نشرات الأنباء، هذا شئ يؤلم لأنّ الرّجل قدّم الكثير للثّقافة عموما و للسّينما على وجه الخصوص ....
سي عبد الحق من جيل المناضلين الأُوَل و ساهم من موقعه في بناء الشخصيّة الوطنيّة التّونسيّة بعد الإستقلال ...
كان وراء برنامج محو الأميّة و أسندت له مهمّة تكوين فريق كبير للعنايّة بهذه المسألة..
سي عبد الحق كان من صنّاع تركيز جامعة السّينمائيين الهواة زمن رئاستها من طرف حسن بوزريبة اللّه يرحمه ومنسّق صفقة دعمها بآلات سينمائيّة عيار 16 مم التّي ساهمت في تكوين أجيال عديدة من السّينمائيين...
وكان سي عبدالحق ايضا من أوّل الدّاعمين لفكرة بعث المهرجان الدّولي لفيلم الهواة بقليبيّة... وتابع وساعد على تنظيم العديد من دوراته....
سي عبد الحق كان وراء بعث جمعيّة الوسائل السمعيّة والبصريّة واحتضن العديد من أنشطتها في كلّ الولايات التّي عيّن على راسها....
بالنّسبة لنوادي السّينما كان الرّجل من أكبر المتفهمين لنشاطنا و ساعد على عودة العديد من النّوادي للعمل بعد تعرضها للغلق التعسّفي...و احتضن التّربّصات الوطنيّة في الولايات التي أشرف عليها و خاصّة في قْابس اين اقام عشاءا على شرف المشاركين بمنزله و تجوّل بين الطّاولات مرحبّا بالجميع...
ولمّا ترأس ديوان وزير الثّقافة كان سندنا وعزوتنا في الوزارة وعرفنا في فترة مروره انتعاشة كبيرة...
و أخيرا كان سي عبد الحق الأذن الصّاغية وحلّال المشاكل و أذكر أنّ مجلّتي "شاشات تونسيّة" تعرّضت لمظلمة وتمّ الغاء صفقة شراء 2000 نسخة من الثّلاث أعداد التي صدرت في منتصف سنة 1986 فتدخّل بثقله الإداري وفرض تغيير القرار وتمّ شراء 1000 نسخة من كلّ عدد مكنتنا من خلاص المطبعة واسترجاع الصّك وايقاف التتبّعات...
هذا هو سي عبد الحق الأسود كما عرفته رجل طيّب، وطني للنّخاع، متفهّم و محب للثّقافة و للسّينما على وجه الخصوص،و مقدّس للعمل الجمعيّاتي،و ديمقراطي لأبعد الحدود....
اللّه يرحمك سي عبد الحق الأسود وينعّمك..